أ الهادي السيد عثمان يكتب……..

ودلميد (الميته وخراب الديار)!

ما فعلته المليشيا من دمار في بلادنا؛ أصابت به الحرث والنسل، شيء لا يصدق ولا يتصوره العقل البشري، فهو ما لايشابه بمثال حدث على الأرض في الكون من قبل ومما يؤسف له أنه حدث (باسم الديمقراطية)، ولكنها كانت ديمقراطية من نوع آخر لم يسمع العالم بمثلها البتة، فقد كانت ديمقراطية من نوع آخر وسائله القتل والضرب والنهب والتشريد والخراب والاغتصاب، ديمقراطية ابتكروها بأفكار جديدة وبأحدث أنواع الأسلحة وأغرب أنواع البشر واشكالهم !! طبقت ونفذت على أرض السودان، ولمدى عامين انتشروا بتطبيقها في البلاد فكانت كما الوباء الذي يجتاح آلناس فلا ينجو منه أحد إلا بالفرار بلا زاد أو بالموت بلا ذنب…
وقد استمر تطبيقها ولم تتوقف آلات القتل والدمار الممنهجة، التي لم يسلم منها حتى الحيوان والطير في السماء، وما يزيد النفس حزنا وغما ويعتصر القلب ألماً، فرجة العالم من حولنا لما يحدث فلم نجد من شفيع يشفع ولا حميم ينفع، لا من قريب ولا بعيد، لا مسلم بدينه ولا كافر تدفعه انسانية فيعطف، والكل منهم يرى ويشهد بعيون فاتحة وعقول واعية على ما جرى ويجري لشعب عاش مسالماً لم يصدر منه أذى لأحد ولم يتعد على حدود جار، حين كانت الشعوب والدول تتصارع وتتقاتل على شبر أرض أو حبة قمح، فليت ما حدث كان له سبب يبرره، ليكون ذلك جزاء بما عمله شعبنا ولكنه كان كجزاء سنمار لمن لهم أحسنا فما من دولة من دول جوارنا إلا وكان للسودان أياد بيضاء معها، ومعروف جليا غير ممنون، ولكنه الحقد الذي ملأ القلوب و الحسد الذي يشتعل فيها نارا، وجزاء شر من أحسنت إليه.
فقد تلونت اساليب ما عذبوا به وما اذاقوه من فَعال لم يشهدها تاريخ العصر الحجري، بل حدث و شهده تاريخ عصر التقنية والتكنولوجيا.!
عصر عرِف حتى جاهله قيمة الإنسان، ويسعى علماؤه للصعود للنجوم، بعد أن تخطى القمر!! فيا للعالم من مآس قادمة عليه وعلى إنسانه المسكين الذي يتطلع لحياة أفضل تجعله أكثر سعادة بفضل ما وصل إليه العلم من تقدم إن كانت هذه هي طرق تقدمه…!! وسأحدث القارئ هنا بنموذج واحد مما خلدته هذه المليشيا،و
وما نفثته من حقد وضر، وهي ما أكثرها من نماذج وستحكيه الايام القادمة كلها أما حكاية واحدها هذا فمن بعد أن أفزعت وأرهبت ونهبت وشردت ليلاً اهل قرية ( ودلميد) بالجزيرة محلية الكاملين، قامت بفتح ترعة ميجر ابي عشر المنحدرة من خزان سنار، بمائها الوفير كله حيث لا منافذ له لري الأرض الزراعية بالمشروع، بعد أن توقف وتعطل الموسم الزراعي جراء مضايقتهم للمزارعين ففتحوا هذه الترعة بفتحة طولها ثلاثة عشر متراً قبالة قرية (ودلميد) لقطع الطريق الواصل من وإلى المعيلق، لئلا يسلكه الجيش لمهاجمتهم وهم في أمرس عبثهم وسطوتهم، مما تسبب الماء المتدفق المخزون من الترعة، في اغراق هذه القرية بأكملها بعد تهجير أهلها حتى امتلأت شوارعها بالأسماك التي حملها هذا السيل العرم، فغرقت القرية بكاملها، وكان من يريد الدخول إليها من أهلها ليتفقدها لا يجد وسيلة له غير برميل أو ثلاجة تحمله جعلوها هم مراكب تحملهم ليخرجوا بها وتركوها عائمة مرمية خارج القرية والتي انهارت منازلها وأسوارها وحماماتها بنسبة ٦٥٪ فلم يصمد حتى ما كان منها مشيدا بالأسمنت ومن لم يسقط منها فهو آئل للسقوط آجلا ام عاجلا واهلها قد تشردوا بالولايات والدول، وهم يعيشون اليوم في حيرة من أمرهم. إذ إنهم إن كتب الله لهم العودة فلن يجدوا بيتاً يأويهم، أو ظلاً يتفيأونه من حرارة الشمس، ولابد لهم من أن يعمروها كما عمروها بالأمس؛ولكن لسان حالهم يقول: من أين لنا أن نعمرها والأيادي صفر بعد ما سلبوا كل ما نملكه ؟!! وعلى الرغم من
فرحتهم بالنصر الذي عم جزيرتهم، وزحف على عاصمتهم بعزيمة الرجال …هكذا حالهم ليصبح أمرهم كما يقول مثلنا السوداني ( ميتة وخراب ديار) هذه هي ديمقراطية عصرنا الجديدة التى هلل لها أهل تقزم ووفروا لها ما يدمر بلادنا ويذل شعبها ليحكموها فيذيقوا أهلها علقماً أمر مما ذاقوه وفقدوه وعاشوه وبكوه…!!!!؟

Exit mobile version