
عودنا الفريق البرهان خلال حرب الكرامة أن يظهر كثيراً متحدثاً في الشأن العسكري ومخاطبة جنوده وتحفيزهم وزياراة مواقعهم العسكرية في أشد الأوقات شدة وما زيارته لمدينة ام روابة ببعيد عن ذلك.
لكنه خلال هذه الفترة كان قليل الكلام في الشأن السياسي وأمور الحكم الا لماماً وفق ما اقتضاه الظرف والمكان ..
ولكن اليوم كان خطابه ذو نكهة سياسية كاملة الدسم وذلك لسببين:
الأول: جاء الخطاب وهو يخاطب الكتل السياسية في البلاد
الثاني: جاء الخطاب إكمالاً لحديث الفريق ياسر العطا أمس في مقابلته مع قناة العربية .. ويبدو أن هناك تنسيق للأدوار بين الرجلين فيما يتعلق بمخاطبة الرأي العام في الداخل والخارج وظهر ذلك جلياً في توضيح موقف الحكومة من دويلة الامارات حيث كان الفريق ياسر يجهر القول والفريق البرهان يسر القول والفعل في تناغم مدروس ومقصود ..
اما عن خطاب اليوم فقد جاء يحمل موجهات الحكم الإنتقالي في المرحلة القادمة ولنا فيه بعض الملاحظات:
-تناقلت الخطاب وسائل الإعلام الخارجية مثل الجزيرة والعربية والبي بي سي ولكن كان تناولاً مبتوراً ومقصود البتر ليخدم أجندة خارجية وهنا نعيب على وزارة الاعلام سوء التنسيق والتحضير لبث الخطاب وترك باب الأغراض الخاصة مفتوحاً على مصراعيه من قبل وسائل الإعلام الخارجية ومن المؤسف ان تلتفت الوزارة لهذا الخطأ الفادح بعد خمس ساعات لإنتشار مقتطفات الخطاب المبتورة ومجتزءة حسب الأهواء الخارجية وتحتاج الوزارة إلى شهر لتصحيح المفاهيم التي استقاها بعض أبناء الشعب من هذه المقتطفات المجتزءة بواسطة قناة العربية ذات القصد الغرض المعلوم مسبقاً
– جاء في مقتطفات الخطاب المجتزءة العفو عن الجناح السياسي الذي دعم الجنجويد ولكن يجب أن يعلم الكل ان البرهان يستطيع أن يعفو عن الحق العام ولكنه لا يستطيع العفو في الحق الخاص وهو حق مرتبط بجرائم حرب واختطاف
و إغتصاب لا تسقط بالتقادم حتى في المحاكم السودانية ومحكمة الجنايات الدولية..
– الملاحظة الثالثة تتعلق بتوقيت الخطاب حتى وان كان لم يجتزأ بسوء نية فإن التوقيت يضر بالتلاحم الموجود الآن بين الجيش والشعب وأهمية استمرار هذا الدعم والتلاحم حتى نهاية الحرب .. الآن أصبح هذا الخطاب (إلى أن يتم تصحيح فهمه) عبارة عن فرصة يبحث عنها الأعداء لضرب التماسك الشعبي والاستنفار العام …
وفي إطار الغوص في الصيغ المقترحة للحكم والتي قال البرهان انها قُدمت لهم من جهة سياسية كان يجب أن يحدد الجهة ليعلم الشعب ولكن البعض يتحدث عن تحالف المهنيين ..ولكن يجب علي البرهان أن يعلم أن تحالف المهنيين هذا أصبح كتلتين كتلة شيوعية وكتلة تتبع لقحت وكلاهما واجهة لقحت ويمكن أن تتسلق من خلالهما …
نافلة القول هي أن الإعلام السوداني الذي تخلف عن الساحة في فترة الحرب والإعلام العسكري الذي كان محبوساً مع الناطق الرسمي في القيادة يحتاج لإعادة هيكلة وضبط ليقوم بدوره المطلوب في الفترة الحرجة القادمة.
لا عذر للإعلام المدني في غيابه في فترة الحرب ولكن العيب واللوم الأكبر يقع على الإعلام العسكري فإن كان الناطق الرسمي محاصر في القيادة فكان من الأجدر تعيين ناطق عسكري بديل ولكننا لا نعلم ماهي تقديرات القيادة العسكرية في ذلك …