
تقرير-خديجة الرحيمة
للنظر في الدعوى التي رفعها السودان ضد الإمارات والتي تتعلق باتهامات بالإبادة الجماعية أعلنت المحكمة الدولية عن عقد جلسات استماع علنية في قصر السلام بمقر المحكمة اليوم الخميس الموافق 10 أبريل الجاري.
ورفع السودان دعواه ضد الإمارات في مارس الماضي طالبًا من محكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير مؤقتة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي تم اعتمادها في عام 1948.
واستندت دعوى السودان الى مزاعم بأن الإمارات تساعد في دعم أطراف متورطة في ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد جماعة المساليت في غرب دارفور.
وفي مارس الماضي تقدّم السودان بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإمارات، بسبب دعم الأخيرة الدعم السريع في مواجهة الجيش.
أدلة ونفي
وعقب تحديد محكمة العدل موعدا لجسات الاستماع ندد المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش بدعوى السودان ضد بلاده أمام محكمة العدل الدولية واصفًا إياها بـ”لعبة سياسية” و”حيلة دعائية”، ونفى في مقال بصحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية أي دعم إماراتي لأطراف النزاع في السودان أو تورط في جرائم دارفور وجاءت هذه التصريحات عقب اقتراب موعد جلسات الاستماع التي حددتها المحكمة اليوم بشأن طلب السودان فرض تدابير مؤقتة ضد الإمارات.
وفي اكتوبر الماضي أعلنت السلطات السودانية أنها خاطبت مجلس الأمن ووضعته في تفاصيل جديدة حول العدوان الإماراتي المستمر على السودان بواسطة مليشيات إرهابية”، لدعم شكوى سابقة قدمتها ضد الإمارات في مارس الماضي.
وأوضحت رسالة مندوب السودان بمجلس الامن أن “الإمارات تقوم بعلاج مقاتلي الدعم السريع الذين أصيبوا في المعارك في مستشفى زايد العسكري بأبوظبي وأرفقت صورا لعدد منهم وهم يتلقون العلاج في تلك المستشفى”
وتضمنت الرسالة تفاصيل وصور صناديق ذخيرة المدفعية الثقيلة التي تحمل اسم الإمارات التي استولى عليها الجيش عقب معارك “جبل موية”، إلى جانب شاحنات لنقل الأسلحة والذخائر للدعم السريع تحمل أرقام وبطاقات ترخيص دبي.
سجال طبيعي
اما المحلل السياسي الفاتح عثمان فيقول ان الامارات تنفي رسميا مشاركتها في حرب السودان كما انها تقول ان السلاح الذي يشترى من المنطقة الحرة في جبل علي لا يعني بالضرورة ان الامارات اتدعم احد الأطراف وان بيع السلاح لا يعتبر وفق حكم سابق لمحكمة العدل الدولية مشاركة في الجرائم التي ارتكبها الطرف المشترك في الحرب وفق ما قال.
واوضح خلال حديثه لـ(نبض الساعة) ان الحكومة السودانية وشعب المساليت يرون ان دارفور امر مختلف اذ انها مشمولة بقرار مجلس الأمن بمنع توريد السلاح الى دارفور وهو امر انتهكته الامارات وفق تحقيق لجنة خبراء الامم المتحدة.
واضاف بما ان الدعم السريع ارتكب جرائم ابادة جماعية في غرب دارفور ضد المساليت وثبوت ذلك وفق تحقيقات لجنة خبراء الامم المتحدة واستمرت الامارات في توريد السلاح وتقديم الدعم باشكاله المختلفة فإن الامارات ترتكب جريمة التواطؤ في الإبادة الجماعية في دارفور.
وصرح اذن الصراع بين اتهامات حكومة السودان وشعب المساليت ضد دفوعات الإمارات سجال طبيعي في اروقة الامم المتحدة وفي مواجهة الراي العام العالمي خاصة وان الامارات تحظى بدعم إسرائيل وامريكا وهما لن يدخران جهدا في انقاذ الامارات ان وجدوا الى ذلك سبيلا بحسب قوله.
تهمة وإنحياز
اما الخبير القانوني مجاهد عثمان فيرى ان الامارات سوف تعمل بكل ما تملك لتبعد هذه المسؤولية من عاتقها لأنها تعلم جيدآ اذا ثبت قضائيآ انها تمول هذة المليشيا تلقائيآ سوف تتحمل كل هذه الخسائر المادية والدمار الذي اصاب السودان وتكون شريك في جريمة الابادة ضد شعب السودان.
وقال عثمان لـ(نبض الساعة) سوف يكون لنا الحق في المطالبة بالتعويض العادل والاقتصاص منها قانونيآ كما أنه يتيح لنا حق الرد على هذا العدوان لذا من الطبيعي ان ينكر وينفي المستشار الدبلوماسي لرئيس الامارات التهمة الموجهة إليه
واضاف لكن يظل السؤال المهم هل القضاء العالمي عادل بحيث اننا نعتمد عليه كما عودتنا هذه المؤسسات التي تدعي انها عدلية ان تنحاز للجانب الأقوى والأمر له سوابق عديدة تنتصر لصاحب المقدرة المالية العالية وراينا ذلك في قضايا الفلسطينين ضد العدوان الاسرائيلي وغيرها.
واوضح من ناحية اجرائية قانونية نتمنى ان يتوفق وفد السودان في تقديم كل المستندات المطلوبة في مثل هذه الدعاوي بصورة مثلة حتى يثبت ادعائه حيث أن الكل يرى دعم الامارات اللا محدود للمليشيا بتقديم كافة الاسلحة المتطورة التي تقدر بملايين الدولارات.
وذكر السودان لا يحتاج الى دعاية إعلامية كما ادعى ممثل الامارات وكل الشواهد تؤكد ما ذهب إليه السودان في دعواه كما ظلت كل الوفود التي تمثل المليشيا تتحرك خارجيآ وبصحبتها موفد او ممثل للحكومة الإماراتية وكذلك رأينا كلما يتم تداول شيء يخص السودان تتدخل الامارات بصورة مباشرة تحت مظلة حماية المصالح ويجب قطع كل العلاقات مع الامارات على حد قوله.
نزع شرعية وتحويل انظار
بدء جلسات الاستماع العلنية اليوم في محكمة العدل الدولية بشأن الشكوى المقدمة من السودان ضد الإمارات يُعد خطوة مهمة، ليس فقط من الناحية القانونية، بل أيضًا على المستوى السياسي والدبلوماسي، ويعكس جدية السودان في تدويل النزاع القائم داخله وإيصال الرسالة إلى المجتمع الدولي بأن هنالك جهات خارجية تساهم في تأجيج الصراع.
ولكن اللواء دكتور ركن (م) سعد حسن فضل الله فيرى ان نفي الامارات للتهمة له دلالات
مشيرا الى ان نفي المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات د. أنور قرقاش لتقديم أي دعم لأطراف الحرب في السودان ووصفه الشكوى بـ”اللعبة السياسية” و”الحيلة الدعائية” هو محاولة واضحة لنزع الشرعية عن الخطوة السودانية وتحويل الأنظار من المسار القانوني إلى كونه مسارًا إعلاميًا وسياسيًا فقط.
واوضح فضل الله لـ(نبض الساعة) ان هذه اللغة تُستخدم غالبًا لطمأنة الداخل الإماراتي وحلفاء الدولة، لكنها لن تكون ذات تأثير كبير داخل قاعة المحكمة إذا كانت هناك أدلة موثقة مقدمة من الجانب السوداني.
منوها الى انه ومن منظور قانوني، النفي العلني لا يُعد دليلاً بحد ذاته والمحكمة تعتمد على المستندات، الشهادات، تقارير الخبراء، والأدلة المادية. لذا ما لم تقدم الإمارات دفاعًا مفصلًا مع أدلة مضادة في الجلسات الرسمية، فإن التصريحات الإعلامية تظل خارج الإطار المؤثر المباشر في القضية.
واضاف إذا لم يتمكن السودان من إثبات مزاعمه بشكل قانوني، فإن القضية قد تُحفظ أو تُرفض لاحقًا، خاصة وأن محكمة العدل الدولية لا تميل إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول إلا إذا ثبت تورط دولة أجنبية بشكل واضح في انتهاكات القانون الدولي (مثل تمويل ميليشيات، أو انتهاك قرارات مجلس الأمن). من ناحية أخرى، إذا قدم السودان ما يكفي من الأدلة (مثل صور أقمار صناعية، وثائق استخباراتية، أو شهادات من منظمات دولية) فقد يأخذ المسار منحى أكثر جدية.
متوقعا وعلى المدى القريب ان تكون الجلسات استكشافية وتركز على عرض مواقف الطرفين. ربما تؤجل المحكمة البت في الإجراءات الموضوعية إلى وقت لاحق بحسب ما توقع.
واضاف على المدى المتوسط: قد تطلب المحكمة من الطرفين تقديم أدلة إضافية، أو قد تبدأ في إجراءات الوساطة أو الدعوة لتسوية.
واردف على المدى البعيد إذا ثبتت التهم، قد تُدان الإمارات سياسيًا أو قانونيًا، لكن من الصعب حاليًا تصور عقوبات فعلية بدون دعم من مجلس الأمن أو توافق دولي.
لافتا الى ان الكرة الان فى ملعب السودان وعليه اختيار مكاتب محاماه مشهورة وموثوقة وتقديم الأدلة والبيانات المتوفرة بكثرة والا فانه سوف يضيع الهدف على حد تعبيره.