آراء ومقالات

“شباب معطل وأحلام مؤجلة.. إلى متى تُغتال طاقات السودان؟”بقلم: د. علاء عماد الدين البدري

في ظل الحروب والانقسامات السياسية التي تعصف بالسودان تبقى الطاقات الشبابية معلقة بين وطن منهك ومستقبل غامض وأحلام مؤجلة لا تجد من يصونها أو يؤمن بها، شباب السودان الذين كان يفترض أن يكونوا عماد الإعمار والتنمية أصبحوا اليوم أسرى واقع سياسي مأزوم تتنازعه المصالح الضيقة وتعبث به أيادي النخب المتصارعة على السلطة.

لقد أصبحت الحرب الحالية امتدادًا لسلسلة من الفشل السياسي الذي لازم البلاد لعقود نخب أدمنت عدم الاستقرار واستسهلت الدخول في تحالفات مشبوهة وتخلّت عن أي مسارات ديمقراطية حقيقية والأسوأ من ذلك أنها توهّمت أن نقل نموذج ديمقراطي “مستورد” يمكن أن يُطبق على واقع لا يشبه بيئتنا ولا يحترم خصوصياتنا الثقافية والدينية والاجتماعية.

إن الحديث عن الديمقراطية في السودان ظل حبيس الشعارات بينما جاءت الممارسة مشوّهة لأنها لم تُبنى على أرضية صلبة من الأعراف والتقاليد المتجذّرة في وجدان هذا الشعب وتجاهلت التعدد الإثني والديني والثقافي الذي يُشكّل جوهر تركيبة الوطن والنتيجة كانت واضحة اختلاط الحرية بالفوضى وغياب التوازن بين الحقوق والواجبات حتى أصبحت “الحرية” في نظر البعض وسيلة لتقويض الدولة لا لبنائها.

وما يُؤلم أكثر أن بعض النخب السياسية التي تدّعي السعي لبناء “سودان جديد” كانت هي ذاتها سبب اشتعال الحرب المدمّرة ولم تتورع بعد اندلاعها عن الاصطفاف مع أعداء الوطن واستجداء الدعم الخارجي لا لأجل السلام بل لتدمير ما تبقى من السودان ومصادرة مستقبل شبابه.

اليوم يُعاني معظم شباب السودان من واقع مأساوي جزء كبير منهم غادر البلاد بحثًا عن فرصة للحياة والذين وصلوا إلى الخارج نادرًا ما عملوا في مجالاتهم أو تخصصاتهم بعضهم يقف على شواطئ أوروبا بعد أن خاضوا رحلة محفوفة بالموت ومنهم من غرق في البحر ودفنت أحلامه معه ومنهم من وقع فريسة لتجار البشر الذين باعوا لهم وهمًا بحياة من الخيال أما من بقي في الداخل فغارق في أزمات متلاحقة بطالة، فقر، ضغوط نفسية، وخوف مستمر من المجهول.

وسط هذا المشهد القاتم يبرز سؤال مشروع ومُلِح: إلى متى يستمر تعطيل طاقات الشباب؟ ومتى يدرك الساسة في السودان أن أعظم ثروة نملكها هي شباب هذا الوطن إلى جانب موارد طبيعية ضخمة لم تُستغل كما يجب؟ إذا تم تفعيل هذه الطاقات واستثمار الموارد بشكل عادل ومنظّم يمكن للسودان أن يتحول إلى دولة اقتصادية قوية.

نحن لا نطلب المستحيل نريد فقط دولة تحترم الإنسان وتحفظ كرامته وتوفّر له بيئة يستطيع من خلالها بناء مستقبله، نريد وطنًا يتسع لنا جميعًا لا ديمقراطية مشوهة تُفصّل على مقاس فئة دون أخرى.

نحن لا نريد ديمقراطية زائفة… نحن نريد وطنًا حقيقيًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى