آراء ومقالات

الطيب محمد صالح يكتب……..

فوز وزير خارجية جيبوتي ونائبته الجزائرية: تحوُّل جيوسياسي يعيد تشكيل المشهد السوداني

صعود تحالف جديد في قلب القارة
شكَّل فوز وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف برئاسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، وانتخاب الدبلوماسية الجزائرية سلمى مليكة حدادي نائبةً له، نقطة تحول استراتيجية في المشهد الأفريقي، خاصةً في ملف السودان الذي يشهد حربًا مستعرة منذ 2023. هذا الثنائي الجيبوتي-الجزائري يُعيد ترتيب أولويات الاتحاد الأفريقي، ويُحفز آمالًا بإعادة دمج السودان في المنظمة بعد تجميد عضويته عام 2021.

جيبوتي: قوة دبلوماسية بموقع استراتيجي
تمتلك جيبوتي، برغم صغر حجمها، نفوذًا جيوسياسيًا فريدًا بسبب موقعها على باب المندب، واستضافتها لقواعد عسكرية دولية (أمريكية، صينية، فرنسية). اختيار يوسف، الذي يُعتبر “وسيطًا محايدًا” في الأزمات الإقليمية، يعكس رغبة أفريقية في قيادة متوازنة تُركِّز على حل النزاعات بدلًا من الانحياز. يوسف لعب دورًا محوريًا في الوساطات السودانية عبر منظمة “الإيقاد”، وهو ما يُعزز فرصته في قيادة جهود سلام فعّالة.

الجزائر: داعم تقليدي للسيادة السودانية
فوز سلمى حدادي، ذات الخبرة الدبلوماسية الممتدة لعقدين، يُعزز موقف الجزائر الرافض للتدخلات الخارجية في الشؤون الأفريقية. الجزائر، التي دعمت تاريخيًا الشرعية السودانية، قد تدفع باتجاه رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، خاصةً بعد انتقاداتها السابقة لسياسات الرئيس السابق للمفوضية موسى فكي، الذي اتُّهم بالانحياز لمليشيات الدعم السريع المدعومة إماراتيًا.

تداعيات مباشرة على السودان
– عودة العضوية عبر وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف عن تفاؤله بأن قيادة يوسف ستعيد السودان لأنشطة الاتحاد الأفريقي، معتبرًا الفوز “مفيدًا جدًا” للبلاد.
– ضغوط دولية قد يدفع الاتحاد الأفريقي بقيادة يوسف نحو “تجميد مشروط” للعضوية، ربما يربط رفع التجميد بوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية.
– حرب مليشيا الدعم السريع يُتوقع أن تُعيد القيادة الجديدة تقييم دعم الاتحاد السابق للمليشيات، خاصةً بعد انتقادات لـموسى فكي بتهمة التورط في أجندات خارجية.

التنافس الجزائري-المغربي: انعكاساته على السودان
شهدت الانتخابات تنافسًا حادًا بين الجزائر والمغرب على منصب نائب الرئيس، انتهى بفوز حدادي بعد 7 جولات تصويت. هذا الفوز يُعزز تحالفًا شمال-جنوبيًا داخل الاتحاد، قد يُوازن النفوذ المغربي المدعوم غربيًا، ويُعزز جهود الوساطة في السودان عبر شركاء تقليديين مثل مصر وجنوب إفريقيا.

التحديات والسيناريوهات المحتملة
– التمويل الاستقلالية أشار موسى فكي في خطاب الوداع إلى اعتماد الاتحاد على التمويل الخارجي بنسبة 70%، ما يُعيق استقلاليته. القيادة الجديدة ستواجه اختبارًا في تعبئة الموارد المحلية.
– التنافس الدولي قد تُعيد القواعد العسكرية في جيبوتي تشكيل تحالفات القوى الكبرى (أمريكا، الصين، فرنسا) حول الملف السوداني، خاصةً مع اهتمام الصين بمشاريع “الحزام والطريق” في إثيوبيا وجنوب السودان.
– مسار الحرب إذا فشلت الوساطات، قد يُضطر الجيش السوداني لخيار “الحسم العسكري” ضد مليشيا الدعم السريع، وهو سيناريو ترفضه القيادة الجديدة للاتحاد.

هل نحن ذاهبون نحو “جنيف أفريقية” في جيبوتي؟
قد تتحول جيبوتي بقيادة يوسف إلى منصةٍ لـ”دبلوماسية الوقائع”، تجمع بين دورها اللوجستي (القواعد العسكرية) وسياساتها المحايدة. بينما تُعيد الجزائر، عبر حدادي، تأكيد التزامها بوحدة القرار الأفريقي. للسودان، تبقى الفرصة سانحة لاستعادة شرعيته الدولية، لكن ذلك مرهونٌ بتحقيق تقدم في ملفي السلام والحوكمة. هنا، يصبح الاتحاد الأفريقي ليس مجرد “منظمة إقليمية”، بل لاعبًا رئيسيًا في إعادة تعريف تحالفات القرن الأفريقي.

الطيب محمد صالح
17/2/2025

#السودان
#إعلان_مبادئ_ديسمبر
@إشارة
#نقطة_سطر_جديد
#صوت_الشباب
#الحوار_السوداني_الشامل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Hide Ads for Premium Members by Subscribing
Hide Ads for Premium Members. Hide Ads for Premium Members by clicking on subscribe button.
Subscribe Now