آراء ومقالات

ما زلنا نتعثر… والأزمة تتفاقم”د. علاء عماد الدين البدري

ما نعيشه اليوم لم يعد مجرد أزمة ظرفية بل واقعًا مأساويًا يتكرر يوميًا في كل بيت وكل شارع خصوصاً في المناطق الآمنة ارتفاع الأسعار بلغ مستويات غير مسبوقة وأزمات السيولة ترهق المواطن وكأننا في بلد معزول كلياً، من غير المقبول أن تظل بعض الولايات مثل الولاية الشرقية التي تمتلك ميناءً مفتوحًا وتربطها طرق سالكة ببقية المناطق الامنة عاجزة عن الاستفادة من هذه المزايا لتوفير السلع الأساسية التي من شأنها التخفيف من حدة الأزمة وضبط الأسواق كما أن استمرار فتح الحدود مع دول الجوار وعلى رأسها مصر يُفترض أن يكون منفذًا حيويًا لتدفق الاحتياجات الضرورية إن وُجدت الإرادة الحقيقية لكن ما يحدث على الأرض يوحي بأن هناك من يساهم بقصد أو دون قصد في زيادة معاناة المواطن.

أما العاصمة الخرطوم التي أنهكتها الحرب وباتت في أمسّ الحاجة إلى خطة إنقاذ بيئية وخدمية شاملة فهي اليوم تشهد عودة كثير من المواطنين إليها رغم الظروف القاسية لأن البدائل باتت أكثر قسوة المواطن بات محاصرًا بين خيارات كلها مؤلمة دون أفق واضح للخروج من هذا النفق لقد أصبح المواطن السوداني يعيش في معاناة يومية لا يمكن تحملها فلا الكهرباء ولا المياه تأتي بانتظام والمستشفيات تئن من نقص حاد في الأدوية والمعدات بل أصبحت أبسط الخدمات الصحية بعيدة عن متناول اليد عائلات كاملة لا تجد ما تضعه على طاولة الطعام بينما تمضي الأيام والشهور في ظل غياب أي بوادر لتحسين الوضع لم يعد الحديث عن “الاحتياجات الأساسية” مجرد رفاهية بل أصبح حلمًا بعيد المنال.

ولا تتوقف الأزمة عند الجانب الاقتصادي فقط بل تتعداه إلى استغلال فاضح للأوضاع من قبل بعض الجهات التي وجدت في الفوضى فرصة لتحقيق مكاسب على حساب معاناة الناس ونهب ثروات البلاد، كما تعاود بعض الوجوه السياسية الظهور بعد سنوات من الغياب والعجز عن تقديم أي حلول في محاولة لإعادة فرض أنفسهم على المشهد وكأن ذاكرة الشعب قصيرة وكأن ما عايشناه من فشل قد طُوي.

رغم كل هذه المعاناة لا يزال الشعب يرفض الاستسلام لهذا الواقع المرير لقد ملّ المواطن من الحياة في ظل الفوضى ويريد أن يرى نهاية لهذه المعاناة يريد أن يعيش حياة كريمة حياة تليق به وتليق بتاريخ هذا الشعب الذي طالما قاوم وناضل من أجل البقاء، الشعب يريد أن يستعيد الأمل أن يكون له دور حقيقي في بناء وطنه من جديد بعيدًا عن سياسة الفوضى والتجريب يريد أن يعيش في وطن ينعم فيه بالأمن والرخاء حيث تتوفر له أبسط مقومات الحياة من غذاء، صحة، وتعليم، ويشعر بأن حقوقه محفوظة وأن الدولة تضمن له مستقبلاً أفضل لأبنائه.

إن الشعب السوداني لا يطلب المستحيل بل يريد أن يعامل بما يستحقه من احترام وكرامة وأن يعيش في بيئة مستقرة تضمن له حياة لا تشوبها الشوائب وتساعده على بناء مستقبله بشكل عادل هل يمكن إنهاء هذه الفوضى واستعادة الأمل لأن لا شيء يمكن أن يعوض معاناة الشعب إلا الأمن واستقرار الأسعار من اجل البقاء على قيد الحياة وتوفير ما يلزم من الخدمات الأساسية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى