صحفيون في الفاشر: لن نستطيع الاستمرار في العمل بسبب الجوع

الفاشر ـ نبض الساعة
تحدث ثلاثة صحفيين في الفاشر بولاية شمال دارفور، عن أوضاع غاية في القسوة يعيشها مئات الآلاف من المحاصرين في المدينة، وسط مخاوف من عدم القدرة على استمرار عملهم بسبب الجوع الذي أنهك أجسادهم.
في حين خلو السوق الوحيد العامل في المدينة من محصولي الدخن والذرة تمامًا، فيما تجاوز سعر جوال الأمباز، الذي تعتمد عليه أعداد كبيرة في الغذاء، حاجز الـ 200 ألف جنيه سوداني عبر التطبيقات البنكية.
وقال مراسل “دارفور24” في الفاشر ـ متحدثًا إلى محرر آخر ـ إنه مثل بقية سكان المدينة يواجه نقصًا حادًا في المواد الغذائية، مما يحد من قدرته على مواصلة العمل.
وأشار إلى أنه يكافح يوميًا للحصول على وجبة واحدة فقط، غالبًا ما تقتصر على “بليلة الذرة” أو قطعة من كسرة الأمباز التي تُباع بنحو 2000 جنيه، أو رطل من الحليب بسعر 7000 جنيه نقدًا.
وأوضح أن هذه الوجبة غالبًا ما يتقاسمها مع عائلته وبعض جيرانه، مضيفًا: “نظرًا للهزال وضعف النظر الذي أصابني، قد لا أتمكن من مواصلة العمل خلال الفترة القادمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه”.
وانعدمت معظم السلع الغذائية من الفاشر نتيجة الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع منذ أبريل 2024، والذي تم تشديده مؤخرًا عبر حفر خنادق عميقة حول المدينة، فيما يعتمد معظم سكان المدينة على “الأمباز” – بقايا الفول السوداني بعد استخلاص زيته – كمصدر رئيسي للغذاء.
وقال الصحفي نصر يعقوب آدم” إن المدينة تعيش ظروفًا مأساوية، وإن الجوع يعم أحياءها، مما يحد من قدرة السكان على الحركة.
وأوضح أنه يضطر يوميًا للذهاب إلى سوق نيفاشا شمال المدينة بحثًا عن وجبة تكفيه حتى اليوم التالي.
وأشار نصر إلى أن سعر جوال الأمباز وصل إلى 200 ألف جنيه مع ندرة في المعروض، ما يهدد حياة المدنيين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
وأضاف: “حالات الدوار، وانخفاض ضغط الدم، واضطرابات النوم باتت شائعة بين السكان بسبب سوء التغذية”.
وتابع: “يمكنك أن تحصل على وجبة اليوم، لكنك لا تعرف إن كنت ستتمكن من توفيرها غدًا، إذ بلغ سعر كيلو اللحم 90 ألف جنيه، ورطل الحليب 7000 جنيه، بينما يُعد الأمباز بسعر لا يقل عن 2000 جنيه الخيار الوحيد المتاح في السوق”.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في 8 يوليو المنصرم بأن تقييمًا أجراه شركاء العمل الإنساني يُظهر أن 38% من الأطفال دون سن الخامسة في مراكز النزوح بمدينة الفاشر يعانون من سوء تغذية حاد، بينهم 11% يعانون من سوء تغذية حاد وشديد.
ويُشير إلى أن انهيار خدمات المياه والصرف الصحي، وانخفاض تغطية التطعيم، أديا إلى زيادة حادة في خطر تفشي الأمراض.
وقال الصحفي محمد أحمد نزار ” إنه يواجه، شأنه شأن آلاف المواطنين، ظروفًا معيشية صعبة للغاية، حيث أصبحت وجبة واحدة في اليوم حلمًا بعيد المنال.
وأرجع أزمة الغذاء الحادة إلى عدة عوامل، منها ارتفاع أسعار السلع الغذائية وندرتها، بالإضافة إلى انعدام السيولة النقدية وجشع التجار.
وأضاف: “تبديل العملة من التطبيقات البنكية إلى النقد يتم بنسبة 50%، مما يزيد من معاناة الناس”.
وأشار إلى أن سلعة “الأمباز” التي كانت تُباع بسعر 15 ألف جنيه للجوال، وصل سعرها الآن إلى 200 ألف جنيه بسبب الاحتكار والمضاربة.
وأفاد نزار أن هذه الظروف الصعبة أثرت بشكل مباشر على عمله كصحفي، وأضاف: “بهذا الوضع، لا يمكن لأي صحفي أداء عمله لأنه شارد الذهن وهزيل، وإن سعيه وراء الحقيقة وقضايا المواطنين أصبح أمرًا صعبًا في ظل انشغاله بتأمين قوته اليومي.