سوداني الهوى..عبدالكريم محمد العبود يكتب
سوري يوثق جرائم ميليشيا الدعم السريع الارهابية في السودان.

لن أنسي ما رأيت في السودان هذه الأيام، رأيت مشاهد تقشعر لها الأبدان وتهزّ الوجدان، وتُطفئ في القلب ضوء الطمأنينة، ولا تقبلها جميع الأديان.
ميليـشيات “الدعم السريع” التي قامت بالحرب الارهابية والتخريبية في السودان مدعومة دوليا من الناحية المالية والعسكرية ( أسلحة متطورة و عتاد حربي متنوع ).
كما قامت بتجنيد مئات الآلاف من المرتزقة الأجانب من شتى دول العالم ، الذي شاركوا ( قناصة و قيادة مدرعات و ….) .
لم يكن هذه الحرب داخلية بل كانت مؤامرة دولية لنهب خيرات السودان واضعاف المؤسسة العسكرية والأمنية والاستخباراتية و الشرطية التي ستبقى صخرة صامدة ، هذه الحرب جندت ضعاف النفوس من متآمري ومأجوري الداخل والخونة لحساب كيانات دولية، ولا يخفى على العالم أجمع ما يملكه السودان من موارد وخيرات وثروات جعلت السودان محط أطماع الدول الاخرى.
هؤلاء المرتـزقة المموّلة بالمال والسـلاح ،تحوّلت إلى وحشٍ يلتهم كل ما هو حي، يقــتــل بلا رحمة، ويضحك وهو يصوّر ضحاياه ويوثق جرائمه ليراها كل شعوب العالم.
تجد هنالك صفوفٌ من الشباب العُزّل جُمِعوا في طوابير طويلة،
ثم أُعـدِموا بدمٍ بارد، بعد أن أُهينوا وأُذِلّوا وكأن أرواحهم بلا ثمن.
وفي مشهدٍ آخر لا يُحتمل، أُطلِق سراح مجموعةٍ من الأسرى
بعد أن تأكدوا أنهم بلا ســلاح، وقالولهم ارجعوا لقريتكم أنتم لا ذنب لكم ولكن ما إن ابتعدوا خطواتٍ كلها حتى وُجّهت الرصــاصــات إلى ظهورهم غدر وهذه صفتهم ثم سقطوا واحدًا تلو الآخر , كأنّهم لم يعدوهم بشئ ،كأنهم يتلذذون بالغــدر!
أما النساء فالمأساة لا يصفها قلم مشاهد الاغتــصـاب الجماعي، وطعن لبطـ،ون الحوامل، وتعليق النساء على الأشجار، وتلگ الأم التي تحضن أولادها كفراخ عصفور وهي تتوسل لهم وهم يتلذذون بترويهم و ضرب الرصاص عليهم، وهناك كمية من النساء اللآتي قطعوا أجسادهن في مشاهد لا تليق إلا بجحيمٍ فقد فيه الإنسان كل معاني الرحمة والإنسانية .
ورأيت مشهد لمنقذين مسالمين من الهلال الأحمر السوداني ،
يحملون شعار الإنسانية، يضــربون ويُهانون لأنهم حاولوا إنقاذ جـرحى ومـرضى وجـوعى! أصبح إنقاذ الحياة في السودان جريمةً يُعاقَب عليها صاحبها .
مشاهد تدمي القلوب
كما وصفهم الكاتب عبدالعزيز بركة ساكن في رواية مسيح دارفور، وصف الجنجويد بلغة رفيعة ودقيقة جداً، وقال:
“قوم عليهم ملابس متسخة مشربة بالعرق والغبار، يحيطون أنفسهم بالتمائم الكبيرة.
لهم شعور كثة تفوح منها رائحة نتنة قذرة، هي رائحة الصحراء والتشرد، رضعوا من ثدي أشعة الشمس الحارقة، ونشأوا على قتل بعضهم البعض، يعيشون كما يعيش العنكبوت في بيوته.
لا خُلق ولا أخلاق لهم… الواحد منهم يطأ أخته وأمه وخالته وعمته، فلا حرمة لديهم.
أوباشٌ بل أضل على أكتافهم بنادق تطلق النار لأتفه الأسباب، وليست لديهم حرمة للروح الإنسانية.
لا يفرقون مطلقاً بين الإنسان وبقية المخلوقات. يقسمون بالله وهم لا يعرفون أين هو، يكبرونه تكبراً لا تأدباً، ولا يفهمون معنى التكبير ،نزع الله من قلوبهم الرحمة التي لم يجدوها من أب أو أم ،أغلبهم أبناء سفاح لا يتورعون عن فعل المنكر صغيرهم وكبيرهم وحتى شيوخهم”.
وفي وصف آخر للأخ أباذر أدم : كأنهم جبلوا علي القتل او فطموا به ،أصبح يشببهم ويرتبط بهم حتى اجمع الناس ان الجنجويدي قاتل ولو لم يقتل تلك هي اللعنة التي التصقت بهم؛ ليست مجرد تهمة، بل هي لعنة الدم الذي يفوح من مسارح جرائمهم الممتدة من دارفور حتى أحياء الخرطوم الهادئة.
إنهم لا يمارسون العنف بوصفه ضرورة حربية عابرة، بل كطقس يومي ممنهج. يكفي أن يُذكر اسمهم ليتوقف نبض المكان، وتتلبد سماء البيوت بالخوف. هم مرآة لوحشية مقيتة لا تعرف حدودًا، يهتفون بالنهب ويستحلون العرض تحت رايات زائفة، حتى غدت كل خطوة لهم فوق تراب الوطن دليلاً على أن البشر يمكن أن يتحولوا إلى كائنات مفترسة بلا ضمير، مجردين من أي وازع إنساني أو ديني.
لم يكن الوصم وليد صراع عابر، بل نتيجة من الرعب الذي تغلغل في الذاكرة الجمعية. فالجنجويدي لم يعد يمثل مجرد “جندي” أو “مقاتل”، بل رمزاً للانفلات والخراب. إنه صورة متكاملة لأقصى درجات الانحدار الأخلاقي: سلاح مرتزق في يد الطغاة، جاهز للانقضاض على كل مظاهر الحياة الآمنة. لهذا، حكم الناس عليهم قبل أن يرفعوا سلاحهم في وجه أحد؛ لأنهم ببساطة يحملون راية الفطام بالدم، ويقفون في الجهة التي تُقايض الأمان بالقتل، والكرامة بالذل. هؤلاء، في عيون العامة، لا يمكن إصلاحهم؛ لأن الصنعة التي جُبلوا عليها هي في الأصل صنيعة الشيطان التي لا تبني إلا على ركام النفوس المهزومة.
من سوريا إلى السودان، تتغيّر الخرائط وتبقى الجراح متشابهة!
لغةٌ واحدة، وألمٌ واحد، ورابطة لا تبدّدها المسافات.
ما يحدث في السودان ليس “نزاعًا داخليًا”، بل سياسة ممنهجة ومتعمدة لترويع الشعوب البريئة وتمزيق نسيجها وكرامتها ووحدتها.
فإننا نناشد المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه حماية المدنيين، والتحرك العاجل لوقف الانتهاكات وضمان محاسبة مرتكبيها .وهذه الاعمال والافعال الاجرامية هي انتهاك صريح للقانون الانساني.
الصمت اليوم خيـانة، والتجاهل جـريمة لا تقلّ عن القــتــل
لن نصمت ,, وسنصرخ باسم كل شـ،ـهـ،ـيد، وكل امرأةٍ صرخت ولم تجد من ينقذها، وبأسم كل طفل شاهد امه تغــتصب أمامه , وباسم كل مسعفٍ ضُـرب لأنه حاول أن يُنقذ إنسانًا.
اللهم اشهد,, أننا تكلّمنا حين سكت العالم.




