آراء ومقالات

من الخرطوم إلى قوارب الموت: رحلة الشباب السوداني نحو المجهول

بقلم: د. علاء عماد الدين البدري

منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023بات النزوح الجماعي مشهدًا مألوفًا وأصبحت الهجرة غير الشرعية خاصة بين أوساط الشباب خيارًا مريرًا للهروب من واقع يتآكل فيه الأمل يومًا بعد يوم الآلاف من الشبان بعضهم دون سن الثامنة عشرة تركوا منازلهم في مناطق النزاع متجهين نحو المجهول بلا تعليم ولا فرص عمل ولا أدنى شعور بالأمن.

ومع انغلاق الأبواب في وجه المستقبل داخل البلاد بدأ الكثيرون رحلة محفوفة بالمخاطر تبدأ من عبور الصحراء الكبرى سيرًا على الأقدام أو في شاحنات التهريب وتمر بمحطات قاسية في ليبيا أو تونس أو الجزائر بل ويصل بعضهم حتى إلى المغرب بحثًا عن منفذ إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

لكن الطريق إلى الحلم مليء بالأهوال:
جوع، تعذيب، إذلال على يد تجار البشر والمهربين. والقوارب التي يتطلعون إليها لعبور المتوسط ليست سوى زوارق متهالكة، غالبًا ما تنتهي بالغرق أو الاعتقال. البعض يموت قبل أن يرى البحر، وآخرون يقبعون في سجون التهريب، وآخرون ينتظرون في طوابير اليأس، يتوسلون فرصة للعبور.

هذه الرحلة لم تعد مجرد “هجرة غير شرعية” بل صارت انعكاسًا مأساويًا لوطن فقد قدرته على احتواء شبابه الذين يرون أن الغرق في البحر أهون من الغرق في واقع بلا مستقبل أسباب هذه الظاهرة معروفة، لكن تفاقمها اليوم أكثر حدة:
• اقتصاد منهار
• حرب لا تلوح نهايتها في الأفق
• تهميش ممنهج للشباب
• غياب رؤية وطنية واضحة للمستقبل

ووفقًا لتقارير المنظمة الدولية للهجرة فإن أعداد السودانيين الذين فقدوا أرواحهم في عرض البحر قد ارتفعت بشكل مقلق في العامين الماضيين كما كشفت تقارير أخرى عن احتجاز شبان في معسكرات تهريب حيث يتعرضون لانتهاكات جسيمة.

في النهاية يقف الشاب السوداني اليوم على حافة البحر يحمل حقيبة صغيرة من الأحلام ممتلئة بالخوف يضع فيها أمله الوحيد في حياة كريمة “عبور المتوسط” ليس مغامرة رومانسية بل محاولة بائسة للنجاة من وطن يتآكله الصراع.
فهل يستمر البحر في ابتلاع أحلام السودانيين؟ أم آن الأوان لصناع القرار أن يتدخلوا بجدية لإنقاذ ما تبقى من أمل؟
إن شباب السودان هم ثروته الحقيقية ومفتاح مستقبله وإذا استمرت هذه الهجرة اليائسة فإن الوطن قد يخسر أعظم ما يملك من أبنائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى