الطاهر ساتي يكتب: شهادة تقدير ..!!

:: حكاية رائعة، يرويها خضر حسين، وهو صديق عزيز، يغترب ثم يعود باحثاً عن الذهب ثم يغترب ثم يعود مزارعاً، و هكذا كفاح خضر .. يحكي أنه كان مسؤولاً عن منزل صاحبه مغترب، فأستأجره الحزب الشيوعي، وعاد صاحبه وطالب بالإخلاء لصالح يتامى من ذوى القربى، وأمهل الرفاق شهرين، حسب وعدهم..وعجزوا عن الإلتزام بالموعد، فشكاهم، ليس للمحاكم و لا لمركزية الحزب، بل للأستاذ محمد إبراهيم نقد شخصياً، طيّب الله ثراه ..!!
:: وعندما ذهب مالك المنزل و أسرته لنقد، استقبلهم بحفاوة و أكرمهم واستمع لشكواهم، ثم اتصل بقيادة منطقة المنزل وطالبهم بالحضور، فحضروا و أقروا بالواقعة، فأعتذر نقد لصاحب المنزل و أسرته، و استلم مفتاح المنزل من الرفاق وسلمه لصاحبه، ثم خاطب الرفاق معاتباً : ( حتي لو الدار دي ملك حُر للحزب الشيوعي فمجرد إيوائها لأسرة محتاجة للسكن ده أفضل بكتير من انها تكون دار لي حزب لاقامة الاجتماعات والندوات)..!!
:: وخضر يتخذ من حكاية منزل اليتامى مثلاً لاهتمام الشيوعيين بقضايا المجتمع، وتأكيد هذا الاهتمام ليس بحاجة لحكايات، فما يُميّز الكادر الشيوعي عن الآخرين هو تبنيه لقضايا غمار الناس لحد تحويلها ل (قضيته الشخصية).. ولذلك، لم تٌدهشني مبادرة الحزب الشيوعي لحل أزمة مياه عطبرة، بتمويل شبكة طاقة شمسية، وتشغيل المحطة الرئيسية و القديمة، ليستقر التيار الكهربائي بالمدينة ويقل الصرف على جازولين مولدات..!!
:: أهل عطبرة احتفوا بمبادرة الشيوعي، كذلك حكومة نهر النيل.. ومن نماذج التعاون – لصالح المواطن – بين سلطة حاكمة وحزب معارض، استقبل وزير البني التحتية بنهر النيل بوفد الكرام، سيد أحمد الخطيب ومدني محمد عثمان و محمد أحمد بابكر، ورحب بمبادرتهم، ثم اتفقوا على تشكيل آلية لدراسة المشروع و تنفيذه، ثم غادر الوفد شاكراً الوزير على حفاوة الاستقبال و حماسه للمشروع..!!
:: و قد يرى بعض قصار النظر والفهم بأن المبادرة ليست لله ولا للمواطن، إنما يتكسب بها الحزب الشيوعي سياسياً .. وإن كان كذلك فليكن، فالتكسب السياسي مشروع، والسياسة – في الأصل – هي القدرة على خدمة المجتمع والتأثير الإيجابي في حياة الناس، وهذا ما يفعله الشيوعي، وهذا ما يكون نهج كل القوى السياسية .. فالتكسب السياسي بخدمة المجتمعات خير من التكسب بالدجل والنفاق والعمالة وخداع الناس بالشعارات، و حق للحزب أن يتباهى – في خطابه السياسي وبرنامجه الانتخابي – بهذه المبادرة و غيرها ..!!
:: ويرى البعض الأخر أن الشيوعي – بالمبادرة – يتعاون مع الحكومة، وهذا مُعيب، وهؤلاء ليسوا مجرد قصار نظر و فهم، بل أضلّ سبيلاً .. بخلطهم لمعاني الأشياء يتساوى عندهم الوطن والسلطة، و تتداخل الحدود في عقولهم و يتلاشى الحد الفاصل بين الشعب والحكومة، فيعارضونهما (معاً)، ويحاربونهما ( معاً)، ويحسبون حربهم ثورة، ومعارضتهم نضالاً، وعمالتهم وجهة نظر، بينما الإستقواء بالأجنبي عندهم نوع من المدنية، وبلا حياء يذمون الشيوعي على مساهمته في تأهيل خدمات الناس، وما هي إلا مذمة ناقص، أي بمثابة شهادة تقدير و حسن سير و سلوك لنضال الرفاق ..!!