آراء ومقالات

جامعة الدول العربية… الغياب حين يُفترض الحضور بقلم: د. علاء عماد الدين البدري

لا تزال الأحداث المتسارعة في العالم العربي تكشف مرة بعد أخرى عن هشاشة العمل العربي المشترك بل وتضع علامات استفهام كبيرة حول جدوى المؤسسات الإقليمية التي يُفترض أن تمثل مصالح الشعوب وتصون أمنها واستقرارها.

منذ تأسيسها حملت جامعة الدول العربية آمالًا عريضة في توحيد الصف العربي والدفاع عن القضايا المركزية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية لكن الواقع للأسف يشي بعكس ذلك تمامًا فقد ظلت هذه المؤسسة شبه غائبة عن الملفات الكبرى تتعامل مع الأزمات إما بالحياد أو ببيانات شكلية لا تحمل أثرًا سياسيًا حقيقيًا.

اليوم يتعرض قطاع غزة لمأساة إنسانية غير مسبوقة ومع ذلك يبرز الدعم الأكبر من جهات وشعوب لا تمت لفلسطين لا بالدين ولا باللغة بل فقط بالضمير الإنساني في المقابل تكتفي الجامعة بالمراقبة من بعيد كأنها كيان غير معني أو طرف محايد في قضية وجودية تمس أحد أعضائها.

أما السودان فمثال آخر لا يقل إيلامًا دولة تعاني من صراع دموي يهدد نسيجها الاجتماعي ووحدتها الجغرافية ولم نجد من الجامعة سوى بيانات مقتضبة لا ترقى إلى مستوى الأزمة أين جهود الوساطة؟ أين المبادرات العربية لحماية المدنيين؟ أين الدعم السياسي والإنساني الحقيقي؟ أم أن السودان بما يمر به خارج نطاق الاهتمام العربي الجماعي؟

ليست المسألة في غياب التدخل فقط بل في غياب الشعور بالمسؤولية من الأصل إذ لا يمكن الحديث عن وحدة عربية أو مصير مشترك دون وجود مؤسسة إقليمية فاعلة تمتلك الإرادة والقدرة على التأثير والمؤلم أكثر أن بعض الأطراف التي تسببت بشكل مباشر في الأزمات العربية لا تزال جزءًا من هذه المنظومة دون أي مساءلة.
هذا الواقع يدفعنا للتساؤل بصوت عالٍ هل ما زالت عضوية جامعة الدول العربية تخدم مصالح الدول الأعضاء أم تحوّلت إلى واجهة شكلية تستخدم عند الحاجة السياسية لبعض الأطراف دون أن تُعنى بقضايا الشعوب وآلامها؟ لابد من المراجعة لجدوى هذه العضوية فالمؤسسات لا تُقاس بعراقتها فقط، بل بقدرتها على تمثيل شعوبها والتفاعل مع قضاياهم.

إننا في السودان ورغم علاقاتنا المتينة مع العديد من الدول العربية الا اننا لم نجد موقف عربي جماعي مسؤول يعكس عمق الروابط ويحمل حسًا حقيقيًا بالمصير المشترك، أما أن تبقى الجامعة في موقع المتفرج فهذا ما يستدعي إعادة التفكير ليس فقط في دورها بل في عضوية السودان بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى